Digital Tax Technologies logo Digital Tax
Technologies

الخوف من المصارف وبُغضها

  • digitaltaxtech
  • February 6, 2023
  • 1 min read

صراع العمالقة

إن للمعلومات التي توفرها الأنظمة المصرفية دورًا بارزًا ضمن المجهودات التي تبذلها السلطات الضريبية لسد الفجوة الضريبية. وقد أصبح من الممكن تكوين وعاء ضريبي ومقارنته بالبيانات المُعلنة من طرف دافع الضرائب، وذلك بفضل تحليل معاملات الحسابات المصرفية، لكن المصارف تعترض بكل السبُل محاولات اطلاع السلطات الضريبية على الأنشطة المالية لعملائها وتفعل ما بوسعها لإعاقة محاولات الوصول إلى تلك المعلومات. لنحاول معًا فهم طبيعة هذا الصراع وسبب وجوده. كما سنحاول التوصل إلى حل وسط لحسمه.

ما المعلومات التي تحتاج إليها السلطات الضريبية؟

تحتاج السلطات الضريبية إلى المعلومات التالية لأغراض إدارة الضرائب:

  • فتح حسابات التسوية وغلقها من طرف المؤسسات والأفراد.
  • معاملات حسابات التسوية والغرض منها لفهم مدى تأثيرها في الوعاء الضريبي.

غالبًا لا تريد السلطات الضريبية سوى معرفة حركة الأموال على الحساب؛ إذ تُظهر هذه المعلومات ما إذا كان لدافع الضرائب نشاط على حسابه أم لا، لكنها لا تفيد في حساب الوعاء الضريبي أو التحقق من الامتثال الكامل. ومما يستقطب اهتمام السلطات أيضًا المعاملات التي تمت من خلال أجهزة الدفع (التي تحصل على البيانات)؛ نظرًا إلى أنها تعكس الإيرادات غير النقدية من مدفوعات البطاقات المصرفية إلى حساب التسوية الخاص بالشركة.

طرق الحصول على البيانات

تُجمع البيانات المصرفية يدويًّا وآليًّا. وتتألف الطريقة اليدوية من إرسال السلطات الضريبية طلبات كتابية رسمية واستلام الردود من المصارف في صورة ورقية. بينما تتألف الطريقة الآلية من إرسال الطلبات وتلقي الردود في شكل إلكتروني يمكن قراءته آليًّا.

من الناحية التشريعية، تنقل المصارف البيانات إلى السلطات الضريبية في حالتَين:

  1. . تُرسَل على الدوام في حالات بعينها، مثلما يحدث عند فتح حساب تسوية أو عند تحويل الأموال.
  2. بناءً على طلب سلطة الضرائب.

تستخدم الدول المختلفة أشكالاً متنوعة من تبادل البيانات، بما في ذلك الطرق الهجينة. على سبيل المثال، قد يتم توفير معلومات بخصوص فتح حسابات التسوية وإغلاقها دون شرط، بينما يتم توفير المعلومات الأخرى بناءً على طلب سلطات الضرائب.

غالبًا ما تواجه طلبات سلطات الضرائب عوائق تشريعية تتخذ الأشكال التالية:

  • >قرارات المحاكم
  • >قرارات مكتب المدعي العامّ أو الهيئات الإشرافية الأخرى
  • >قرارات رئيس هيئة الضرائب
  • >منح الإذن بطلب البيانات فقط كجزء من تدابير الرقابة الضريبية العامة.

تَحُول تلك العوائق دون الحصول على بيانات كاملة عن جميع تعاملات حسابات التسوية المملوكة لدافعي الضرائب. وهذا ما يجعل سلطات الضرائب تواجه صعوبة في تحديد المخالفين بطريقة منهجية. من الممكن الحصول على تقييم شامل وآني للمخاطر الضريبية فقط إذا أمكن الحصول على بيانات مصرفية كاملة وموثوق بها. دون هذه البيانات، لن تتمكن السلطة الضريبية من استخدام البيانات كدليل على مخالفات جرى تحديدها باستخدام وسائل أخرى إلا في حالات نادرة.

من منظور إدارة الضرائب، يتوقف التفاعل الأمثل على التزام المصارف بإرسال معلومات معاملات حسابات التسوية تلقائيًّا إلى جميع عملائها (من مؤسسات، ومالكين أحاديين، وأفراد) دون طلبات إضافية من سلطات الضرائب، ولكن فيما يتعلق بجميع المسائل الأخرى، فإن السلطات الضريبية على استعداد لإيجاد حلول وسط حتى تتمكن من القضاء على التناقضات وبناء ضوابط رقمية فعالة.

نظام التدقيق الضريبي الآلي

يشمل نظام التدقيق الضريبي الآلي المهام والعناصر التالية:

  • إنشاء مخزن بيانات قابل للتوسع للحصول على معلومات حول حسابات التسوية ومعاملات دافعي الضرائب. نحن نتحدث هنا عن مئات الملايين والمليارات من السجلات.
  • بناء نظام لجمع البيانات ومراقبة الجودة يراعي المعايير التالية:
    • الشمولية (توفر بيانات جميع دافعي الضرائب).
    • الاستمرارية والاستجابة (توفر بيانات عن جميع الفترات الضريبية دون أي تأخير كبير).
    • الموثوقية والدقة (يمكننا التحقق من صحة المعلومات المقدمة من المصارف وتسجيل أي مخالفات ارتكبتها، وذلك من خلال مقارنة الحسابات الدائنة والمدينة ومطابقة حسابات التسوية وفقًا لبيانات المعاملات).
  • تطبيق نظام لمعالجة البيانات من أجل التالي:
    • حساب الوعاء الضريبي باستخدام بيانات معاملات حساب التسوية.
    • وحساب الضريبة المستحقة عن الفترة الضريبة.
    • وإجراء مقارنات مع الإقرارات الضريبية.
    • وإحالة النتائج إلى تدقيق مكتبي آلي من أجل إصدار إشعارات لدافعي الضرائب عن المخالفات المكتشفة.

بإمكان نظام التدقيق الضريبي الرقمي أن يعزز الإيرادات الضريبية المتأتية من المؤسسات ومالكي الشركات الأحاديين بنسبة تصل إلى 30% (مقارنة بالمتحصلات الضريبية الحالية)، ومن الأفراد بنسبة تصل إلى 100%.

تعتمد فعالية النظام إلى حد كبير على حجم المدفوعات غير النقدية في أنشطة الأعمال اليومية وحصة تلك المدفوعات. من المُستَحسَن أن تمثل نسبة المدفوعات غير النقدية في الدولة أكثر من 50% من إجمالي المدفوعات. ويجب أن تحفز الدولة في الوقت نفسه ظهور طرق دفع ملائمة وأن تحد من إمكانية الدفع نقدًا.

أسباب ممانعة المصارف

المصارف في معظم البلدان هي كيانات مستقلة تابعة للمصرف المركزي أو الوطني للبلد، والذي لا يخضع هو ذاته للحكومة ويقوم بأنشطته بشكل مستقل. بمعنى آخر، لا تملك السلطات الضريبية القدرة على إجبار المصارف على مشاركة المعلومات المطلوبة.

وفي أغلب الأحيان، تشعر المصارف بالقلق من المخاطر التالية:

  • >أن يتجه العملاء إلى الدفع نقدًا أو تحويل الأموال إلى مصارف أجنبية خشية الكشف عن معلوماتهم؛ ما يؤدي إلى انخفاض الأرباح.
  • أن يفضل العملاء التعامل مع مصارف أخرى توصلت إلى طريقة لتجنب الإفصاح أمام السلطات الضريبية، ويمكنها أن تضمن استمرار سرية معلومات الحسابات والتحويلات.

ما يقلل من حدة أول هذه المخاطر هو رواج المدفوعات غير النقدية وسهولة التعامل معها في التعاملات اليومية، حيث تُظهِر التجربة أن المستهلكين يُبدون ردود فعل سلبية في البلدان التي لا يقبل فيها التجار بطاقات مصرفية ويطلبون بدلاً من ذلك الدفع نقدًا. مثل هذا المطلب غير مريح للعديد من العملاء والسياح؛ فيتوقفون بكل بساطة عن التردد على تلك المنشآت. وهنا يطغي الخوف من فقدان العملاء والشركات على الخوف من السلطات الضريبية. لا يمكن القضاء على ثاني المخاطر إلا إذا فرضت الدولة شروطًا تتسم بنفس القدر من الصرامة على جميع المصارف دون استثناء.

من الضروري أيضًا مراعاة أن إعداد وأتمتة عملية تبادل البيانات مع السلطات الضريبية يستلزم تكاليف تتكبدها المصارف. وهذا أمر واقع حتى بعد الوضع في الاعتبار حقيقة أن القدرات الأساسية لا بد أن تتوفر في جميع أنظمة المعلومات المصرفية الآلية؛ حيث سيكون من المستحيل تقديم خدمات مالية والقيام بالأعمال بدونها.

فضلاً عن أن المصارف تبرر عزوفها عن مشاركة المعلومات المالية من خلال الاستشهاد باللوائح الخاصة بالسرية المصرفية أو التجارية، والتي تحظر نقل هذه المعلومات إلى جهات خارجية. ومع ذلك، فإن البيانات التي يتم الكشف عنها للسلطات الضريبية تخضع على الفور للسرية الضريبية. والعقوبات المفروضة على انتهاك السرية الضريبية أشد من تلك المفروضة بسبب انتهاكات السرية المصرفية.

وختامًا، يمكننا القول إن نجاح هذه المبادرة يقتضي من الدولة التخطيط والتنظيم بمهارة لحملة علاقات عامة ضخمة. وينبغي لتلك الحملة توعية الجمهور بأن المصارف تنقل البيانات إلى السلطات الضريبية؛ فهذا من شأنه تعزيز الامتثال الضريبي الطوعي وزيادة المتحصلات الضريبية بما متوسطه 15% إلى 20%.