دوائر الثقة

الشك والسرية بين السلطات الضريبية

إن السلطات الضريبية متشككة بطبيعتها؛ فهي لا تستوعب فكرة وجود دافع ضرائب حي الضمير. والجميع في نظرها مخالفون محتملون. كما أنها لا تثق بالمستندات المقدَّمة وتفحص كل صغيرة وكبيرة. وأزمة الثقة هذه مبنية على الاعتقاد السائد بين مسؤولي الضرائب بأنه: “لن يدفع الناس ضرائب إذا كان بإمكانهم التهرب منها”.

ورغم ذلك، ليس بمقدور السلطات الضريبية الرقابة على الجميع؛ فليس لديها الوقت والموارد الكافيان لذلك. وهذا هو السبب في أن إدارة المخاطر الضريبية تصوغ نماذج لسلوك دافعي الضرائب من أجل تدقيق القطاعات ذات المخاطر الأعلى. وتحتفظ السلطات الضريبية بهذه النماذج في طي الكتمان حتى لا يتكيف دافع الضرائب معها ويتهرب من عمليات التدقيق، على حد اعتقادها. ولكن على العكس من ذلك، يريد دافعو الضرائب ذوو الضمائر اليقظة الاطلاع على معايير الامتثال وفهمها كي لا يصيروا مخالفين لها. غير أن هذه المفارقة تظل تخلق الشروط المسبقة اللازمة لتقليل المخاطر في البيئة الضريبية.

إنشاء دائرة من دافعي الضرائب الموثوق بهم كوسيلة لتقليل المخاطر الضريبية

ماذا يحدث إذا كشفت السلطات الضريبية عن المعايير التي تستخدمها لتحديد دافعي الضرائب ذوي الضمائر الحية؟ سوف يسعى دافعو الضرائب المحترمون إلى الامتثال لتلك المعايير؛ فلا أحد منهم يريد إهدار الوقت والموارد في المشاركة في تدقيق مرهق.

بوسع السلطات الضريبية أيضًا تقديم حوافز للعمل مع موردين مخلصين. ونظرًا إلى أن المشتري يختار المورد، يجب على المورد السعي إلى الامتثال لهذه المعايير. ونتيجةً لذلك، يجتذب المشترون ذوو الضمير الحي موردين على شاكلتهم إلى “دائرة الثقة” التي ينتمون إليها. ومع وجود حافز كافٍ من السلطات الضريبية، تتوسع هذه الدوائر من تلقاء نفسها. تصبح البيئة الضريبية أفضل طبيعيًّا، ويزداد عدد دافعي الضرائب ذوي الضمير الحي.

نادرًا ما تستخدم السلطات الضريبية هذا النهج. بل يتطلب إنشاء “دائرة ثقة” من السلطات الضريبية إنشاء نموذج لدافعي الضرائب ذوي الضمير الحي ثم الكشف عنه. كما يتطلب من دافعي الضرائب بذل العناية الواجبة والإفصاح عن البيانات الضريبية.

تتمثل المهمة الرئيسية للسلطات الضريبية في أن تشرح لدافعي الضرائب كيف ستسمح لهم “دائرة الثقة” بتقليل احتمالية حدوث المخالفات وعواقب تلك المخالفات. وستكون النتيجة التلقائية هي زيادة امتثال دافعي الضرائب، فضلاً عن زيادة الإيرادات الضريبية.